الندوة الدولية “ابتكار المستقبل” بموسكو: مشاركة مغربية تسلط الضوء على دور الشباب في تشكيل المستقبل

اختُتمت في السادس من نوفمبر 2024 فعاليات الندوة الدولية “ابتكار المستقبل” التي نظمها المركز الوطني “روسيا” في موسكو. شهدت الندوة مشاركة أكثر من 100 دولة وحضور حوالي 6000 مشارك أجنبي، من بينهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف. كما وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالة شكر نُشرت على الموقع الرئاسي وقُرئت في حفل الافتتاح، عبّر فيها عن امتنانه لجميع المشاركين والمتحدثين في هذا الحدث الذي يهدف إلى تشكيل ملامح المستقبل.​

مثّل المغرب في هذه الندوة معهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية بالدار البيضاء، حيث قدّم رئيس المعهد ورقة سياسات بعنوان “لنُشجّع الشباب على تخيّل مستقبل واضح”. تناولت الورقة نتائج دراسة حول رؤية وثقة الشباب المغربي بالمستقبل، والتي توافقت مع تقارير دولية مثل تقرير البنك الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وأشار المتحدث إلى أن الأسباب الرئيسية لزعزعة ثقة الشباب بالمستقبل تعود إلى عوامل داخلية وأخرى خارجية تتعلق بنظام الحوكمة الدولي. وأوضح أن الأحداث في دول بعيدة قد تؤثر بشكل كبير على دول أخرى لا ترتبط بها اقتصادياً أو سياسياً، وفقاً لنظرية “تأثير الفراشة”.​

كما استشهد بقاعدة باريتو المطبقة في الأسواق ذات الموارد المحدودة، حيث لا يمكن زيادة رفاهية شخص دون الإضرار بموارد شخص آخر، وأسقط هذه النظرية على الجيوسياسية الدولية في ظل الموارد المحدودة، معتبراً أنه لا يمكن في إطار النظام العالمي القائم زيادة رفاهية شعوب بعض دول الشمال دون المساس بمعيشة وضروريات الحياة في دول الجنوب.​

ولتفادي هذه الظواهر، اقترح المتحدث بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب، مشيراً إلى أن النظام العالمي الذي بُني بعد الحرب العالمية الثانية، والذي يعتمد على استمرارية النمو وجني الأرباح، كرّس مبدأ الفوارق بين شعوب العالم وأدى إلى العديد من الأزمات الإنسانية والاجتماعية والبيئية، ولم يضمن الرفاهية إلا لشعوب دول الشمال. وأكد أن العمل على بناء نظام عالمي جديد أصبح ضرورة، خاصة مع الصعود الاقتصادي للعديد من الدول في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهي الدول المُغيّبة في اتخاذ القرارات في النظام الحالي.​

وأشار إلى أن الأيديولوجيات السابقة، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، اعتمدت على صياغة أنظمة اقتصادية تدور في فلكها مجموعة من الدول، بينما اليوم تتشكل الأيديولوجيا المعاصرة من مجموعة من المبادئ والأخلاق التي تتبناها مجموعة من الدول وتفرض الإيمان بها والعمل عليها تحت مسمى الحريات وحقوق الإنسان، ومن بين هذه الحريات حرية اختيار الشخص للجنس الذي يريد ولو عارض ذلك مبادئ الطبيعة.​

وخلص المتحدث إلى أن الأيديولوجيتين المتشكلتين حالياً هما:​

  • أيديولوجيا شرقية: تناصر استمرار الأخلاق التقليدية التي تتوافق مع مبادئ الطبيعة، وترفض المساس أو تغيير مفهوم وصفة الإنسان.​
  • أيديولوجيا غربية: تتبنى أخلاق تحررية مناقضة للأخلاق التقليدية، تمس بصفة الإنسان الطبيعية وتعاكس الطبيعة البشرية.​

ومن خلال ذلك، طرح المتحدث مجموعة من الأسئلة، منها:​

  • إذا كان الغرب ينفق المليارات على برامج حماية البيئة، فمن سيعيش في هذه البيئة المحمية إذا عمل على تغيير مفهوم وشكل الإنسان الطبيعي بحيث يصبح هذا الإنسان كالأداة، يعيش ويموت ولا يتكاثر؟​
  • إذا كانت الغاية من مبدأ التنمية المستدامة هي الحفاظ أولاً على استدامة الحياة البشرية، فكيف سنحافظ على استدامة البشرية إذا غيرنا مبادئها وطبيعتها من الأساس؟​

وخلص المتحدث إلى أنه من أجل تشجيع الشباب على تخيّل مستقبل أفضل، يجب تعليمهم ليس فقط في مجال التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، ولكن أيضاً تربيتهم على المبادئ والأخلاق التي تضمن استمرارية البشرية، وبالتالي استمرارية الإنسان المفكر الذي وصل بتراكم خبراته إلى ما نحن عليه الآن من تقدم.​